فصل: فَصْلُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. فَصْلٌ:

الْحَيَوَانُ الْمَمْلُوكُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ كَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ. (بِقُوَّةٍ كَبَعِيرٍ وَفَرَسٍ) وَحِمَارٍ وَبَغْلٍ. (أَوْ بِعَدْوٍ) أَيْ جَرْيٍ (كَأَرْنَبٍ وَظَبْيٍ أَوْ طَيَرَانٍ كَحَمَامٍ إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ) أَيْ مُهْلِكَةٍ (فَلِلْقَاضِي الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ وَكَذَا لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الْقَاضِي مِنْ الْآحَادِ الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ. (فِي الْأَصَحِّ) لِئَلَّا يَأْخُذَهُ خَائِنٌ فَيَضِيعُ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْآحَادِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ. (وَيَحْرُمُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ) عَلَى كُلِّ أَحَدٍ لِأَنَّهُ مَصُونٌ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ أَكْثَرِ السِّبَاعِ مُسْتَغْنٍ بِالرَّعْيِ إلَى أَنْ يَجِدَهُ صَاحِبُهُ، لِتَطَلُّبِهِ لَهُ، فَمَنْ أَخَذَهُ لِلتَّمَلُّكِ ضَمِنَهُ، وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ بِرَدِّهِ إلَى مَوْضِعِهِ، فَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي بَرِئَ فِي الْأَصَحِّ. (وَإِنْ وُجِدَ بِقَرْيَةٍ) أَوْ مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْهَا أَوْ بَلْدَةٍ (فَالْأَصَحُّ جَوَازُ الْتِقَاطِهِ لِتَمَلُّكٍ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْمَفَازَةِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ فِي الْعُمْرَانِ يَضِيعُ بِامْتِدَادِ الْيَدِ الْخَائِنَةِ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَفَازَةِ، فَإِنَّ طُرُوقَ النَّاسِ بِهَا لَا يَعُمُّ وَلَوْ وُجِدَ فِي زَمَنِ نَهْبٍ، وَفَسَادٍ جَازَ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ قَطْعًا فِي الْمَفَازَةِ وَالْعُمْرَانِ. (وَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ. (كَشَاةٍ) وَعِجْلٍ وَفَصِيلٍ (يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ فِي الْقَرْيَةِ) وَنَحْوِهَا (وَالْمَفَازَةِ) صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْخَوَنَةِ وَالسِّبَاعِ. (وَيَتَخَيَّرُ آخِذُهُ مِنْ مَفَازَةٍ فَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهُ وَتَمَلَّكَهُ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ اسْتِقْلَالًا إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا وَبِإِذْنِهِ فِي الْأَصَحِّ إنْ وُجِدَ (وَحَفِظَ ثَمَنَهُ وَعَرَّفَهَا) أَيْ اللُّقَطَةَ الْمَبِيعَةَ. (ثُمَّ تَمَلَّكَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (أَوْ أَكَلَهُ) أَيْ وَإِنْ شَاءَ أَكَلَهُ مُتَمَلِّكًا لَهُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي.
(وَغَرِمَ قِيمَتَهُ إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ) وَلَا يَجِبُ بَعْدَ أَكْلِهِ تَعْرِيفُهُ فِي الظَّاهِرِ لِلْإِمَامِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ لِمَا سَيَأْتِي عَنْهُ، وَالْخَصْلَةُ الْأُولَى أَوْلَى مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّانِيَةُ أَوْلَى مِنْ الثَّالِثَةِ. (فَإِنْ أُخِذَ مِنْ الْعُمْرَانِ فَلَهُ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وبالتحتانية. (لَا الثَّالِثَةُ فِي الْأَصَحِّ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْأَظْهَرُ. وَالثَّانِي لَهُ الثَّالِثَةُ أَيْضًا كَالْمَفَازَةِ وَدُفِعَ بِأَنَّ الْأَكْلَ فِيهَا، لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ فِيهَا مَنْ يَشْتَرِي بِخِلَافِ الْعُمْرَانِ، وَيَشُقُّ النَّقْلُ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَالْجَحْشِ فَفِيهِ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ، وَلَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ فِي الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِذَا أَمْسَكَ الْمُلْتَقِطُ الْحَيَوَانَ وَتَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ فَذَاكَ وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ، فَلْيُنْفِقْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا أَشْهَدَ (وَيَجُوزُ أَنْ يَلْتَقِطَ عَبْدًا لَا يُمَيِّزُ) فِي زَمَنِ أَمْنٍ أَوْ نَهْبٍ وَمُمَيِّزًا فِي زَمَنِ نَهْبٍ، بِخِلَافِ الْأَمْنِ، لِأَنَّهُ يَسْتَدِلُّ فِيهِ عَلَى سَيِّدِهِ فَيَصِلُ إلَيْهِ، وَالْأَمَةُ كَالْعَبْدِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ غُضُونِ كَلَامِهِمْ أَنَّ فِيهِمَا الْخَصْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَفِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا ثُمَّ يَجُوزُ تَمَلُّكُ الْعَبْدِ، وَالْأَمَةِ الَّتِي لَا تَحِلُّ كَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْمَحْرَمِ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِلُّ فَعَلَى قَوْلَيْنِ كَالِاقْتِرَاضِ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ بِالِالْتِقَاطِ اقْتِرَاضٌ، وَيُنْفِقُ عَلَى الرَّقِيقِ مُدَّةَ الْحِفْظِ مِنْ كَسْبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسْبٌ فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَإِذَا بِيعَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَالِكُ وَقَالَ كُنْت أَعْتَقْته قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْأَظْهَرِ، وَحُكِمَ بِفَسَادِ الْبَيْعِ وَالثَّانِي لَا كَمَا لَوْ بَاعَ بِنَفْسِهِ انْتَهَى.
(وَيُلْتَقَطُ غَيْرُ الْحَيَوَانِ) كَمَأْكُولٍ وَثِيَابٍ وَنُقُودٍ. (فَإِنْ كَانَ يُسْرِعُ فَسَادُهُ كَهَرِيسَةٍ) وَرُطَبٍ لَا يَتَتَمَّرُ. (فَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ) أَيْ اسْتِقْلَالًا إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا، وَبِإِذْنِهِ إنْ وَجَدَهُ أَخْذًا مِمَّا سَبَقَ (وَعَرَّفَهُ) بَعْدَ بَيْعِهِ (لِيَتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ. (وَإِنْ شَاءَ تَمَلَّكَهُ فِي الْحَالِ وَأَكَلَهُ) وَغَرِمَ قِيمَتَهُ سَوَاءٌ وَجَدَهُ فِي مَفَازَةٍ أَوْ عُمْرَانٍ. (وَقِيلَ: إنْ وَجَدَهُ فِي عُمْرَانٍ وَجَبَ الْبَيْعُ) وَامْتَنَعَ الْأَكْلُ وَعَلَى جَوَازِهِ فِي الْقِسْمَيْنِ فِي التَّعْرِيفِ بَعْدَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْعُمْرَانِ، وُجُوبُهُ وَفِي الْمَفَازَةِ قَالَ الْإِمَامُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ. (وَإِنْ أَمْكَنَ بَقَاؤُهُ بِعِلَاجٍ كَرُطَبٍ يَتَجَفَّفُ، فَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي بَيْعِهِ بِيعَ أَوْ فِي تَجْفِيفِهِ وَتَبَرَّعَ بِهِ الْوَاجِدُ جَفَّفَهُ، وَإِلَّا بِيعَ بَعْضُهُ لِتَجْفِيفِ الْبَاقِي) حِفْظًا لَهُ وَالْمُرَادُ بِالْعُمْرَانِ الشَّارِعُ، وَالْمَسْجِدُ لِأَنَّهُمَا مَعَ الْمَوَاتِ مَحَالُّ اللُّقَطَةِ. (وَمَنْ أَخَذَ لُقَطَةً لِلْحِفْظِ أَبَدًا فَهِيَ أَمَانَةٌ) فِي يَدِهِ (فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْقَاضِي لَزِمَهُ الْقَبُولُ) وَكَذَا مَنْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى الْقَاضِي يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ.
(وَلَمْ يُوجِبْ الْأَكْثَرُونَ التَّعْرِيفَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ الْأَخْذُ لِلْحِفْظِ أَبَدًا قَالُوا لِأَنَّ التَّعْرِيفَ إنَّمَا يَجِبُ لِتَحْقِيقِ شَرْطِ التَّمَلُّكِ وَأَوْجَبَهُ غَيْرُهُمْ، وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لِئَلَّا يَكُونَ كِتْمَانًا مُفَوِّتًا لِلْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا أَقْوَى وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ التَّعْرِيفَ فِي الْأَخْذِ لِلتَّمَلُّكِ وَاجِبٌ قَطْعًا. (فَلَوْ قَصَدَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ الْأَخْذِ لِلْحِفْظِ أَبَدًا. (خِيَانَةَ لَمْ يَصِرْ ضَامِنًا فِي الْأَصَحِّ) بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ وَالثَّانِي يَصِيرُ. (وَإِنْ أَخَذَ بِقَصْدِ خِيَانَةٍ فَضَامِنٌ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَهُ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَهُ ذَلِكَ لِوُجُودِ صُورَةِ الِالْتِقَاطِ (وَإِنْ أَخَذَ لِيُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ. (فَأَمَانَةٌ مُدَّةَ التَّعْرِيفِ وَكَذَا بَعْدَهَا مَا لَمْ يَخْتَرْ التَّمَلُّكَ فِي الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ تَصِيرُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ إذَا كَانَ غُرْمُ التَّمَلُّكِ مُطَّرِدًا، قَالَهُ الْغَزَالِيُّ كَالْإِمَامِ وَالْأَوَّلُ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ.
(وَيَعْرِف) بِفَتْحِ الْيَاءِ الْمُلْتَقِطُ (جِنْسَهَا) أَذَهَبٌ هِيَ أَمْ فِضَّةٌ أَمْ ثِيَابٌ. (وَصِفَتَهَا) أَهَرَوِيَّةٌ أَمْ مَرْوِيَّةٌ. (وَقَدْرَهَا) بِوَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ (وَعِفَاصَهَا) أَيْ وِعَاءَهَا مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (وَوِكَاءَهَا) أَيْ خَيْطَهَا الْمَشْدُودَةَ بِهِ رَوَى الشَّيْخَانِ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَائِلِهِ عَنْ لُقَطَةِ الذَّهَبِ، أَوْ الْوَرِقِ «اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً» وَقِيسَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ خَارِجَهَا فِيهِ مَعْرِفَةُ دَاخِلِهَا، وَذَلِكَ لِيَعْرِفَ صِدْقَ وَاصِفِهَا (ثُمَّ يُعَرِّفُهَا) بِالتَّشْدِيدِ. (فِي الْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ) عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ مِنْ الْجَمَاعَاتِ (وَنَحْوِهَا) مِنْ مَجَامِعِ النَّاسِ فِي بَلَدِ الِالْتِقَاطِ أَوْ قَرْيَتِهِ أَوْ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَى مَوْضِعِهِ مِنْ الصَّحْرَاءِ، وَإِنْ جَازَتْ بِهِ قَافِلَةٌ تَبِعَهُمْ وَعَرَّفَ، وَلَا يُعَرِّفُ فِي الْمَسَاجِدِ قَالَ الشَّاشِيُّ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى الْأَصَحِّ (سَنَةً) لِلْحَدِيثِ وَيُقَاسُ عَلَى مَا فِيهِ غَيْرُهُ، وَلَيْسَتْ عَلَى الِاسْتِيعَابِ بَلْ. (عَلَى الْعَادَةِ يُعَرِّفُ أَوَّلًا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ طَرَفَيْ النَّهَارِ ثُمَّ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً ثُمَّ كُلَّ أُسْبُوعٍ) مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (ثُمَّ كُلَّ شَهْرٍ) بِحَيْثُ لَا يَنْسَى أَنَّهُ تَكْرَارٌ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَفِي أَصْلِهَا لِمَا مَضَى وَسَكَتَا عَنْ بَيَانِ الْمَدَدِ فِي ذَلِكَ وَفِي التَّهْذِيبِ ذَكَر الْأُسْبُوعَ فِي الْمُدَّةِ الْأُولَى وَيُقَاسَ بِهَا الثَّانِيَةُ.
(وَلَا تَكْفِي سَنَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْأَصَحِّ) كَأَنْ يُعَرِّفَ شَهْرًا وَيَتْرُكَ شَهْرًا، وَهَكَذَا لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ فَائِدَةُ التَّعْرِيفِ. (قُلْت الْأَصَحُّ تَكْفِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ عَرَّفَ سَنَةً وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا وَلَا تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ فِي التَّعْرِيفِ فِي الْأَصَحِّ، كَمَا أَفَادَهُ ثُمَّ (وَيَذْكُرُ) الْمُلْتَقِطُ (بَعْضَ أَوْصَافِهَا) فِي التَّعْرِيفِ وَلَا يَسْتَوْعِبُهَا، لِئَلَّا يَعْتَمِدَهَا الْكَاذِبُ، وَذِكْرُهُ مُسْتَحَبٌّ وَقِيلَ شَرْطٌ وَهُوَ مَسْبُوقٌ بِمَعْرِفَتِهِ، فَيَأْتِي فِيهَا الْخِلَافُ. (وَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ إنْ أَخَذَ لِحِفْظِهِ) بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ السَّابِقِ عَنْ غَيْرِ الْأَكْثَرِينَ. (بَلْ يُرَتِّبُهَا الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يُقْتَرَضُ عَلَى الْمَالِكِ) أَوْ يَأْمُرُ الْمُلْتَقِطَ بِهَا لِيَرْجِعَ عَلَى الْمَالِكِ، وَعَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ التَّعْرِيفُ عَلَيْهِ، إنْ عَرَّفَ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ (وَإِنْ أَخَذَ لِتَمَلُّكٍ لَزِمَتْهُ) مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ تَمَلَّكَ أَمْ لَا. (وَقِيلَ إنْ لَمْ يَتَمَلَّكْ) بِأَنَّ ظَهَرَ مَالِكُهَا. (فَعَلَى الْمَالِكِ) الْمُؤْنَةُ لِعَوْدِ فَائِدَةِ التَّعْرِيفِ إلَيْهِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْحَقِيرَ) أَيْ الْقَلِيلَ الْمُتَمَوَّلَ. (لَا يُعَرَّفُ سَنَةً بَلْ زَمَنًا يَظُنُّ أَنْ فَاقِدَهُ يَعْرِضُ عَنْهُ غَالِبًا) بَعْدَ ذَلِكَ لِزَمَنٍ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ اخْتِلَافُ الْمَالِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ فَدَانَقُ الْفِضَّةِ، يُعَرَّفُ فِي الْحَالِ وَدَانَقُ الذَّهَبِ يُعَرَّفُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَالثَّانِي يُعَرَّفُ سَنَةً كَالْكَثِيرِ وَقِيلَ يُعَرَّفُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمَّا الْقَلِيلُ غَيْرُ الْمُتَمَوَّلِ كَحَبَّةِ الْحِنْطَةِ، وَالزَّبِيبَةِ فَلَا يُعَرَّفُ وَلِوَاجِدِهِ الِاسْتِبْدَادُ بِهِ، وَقَدَّرَ بَعْضُهُمْ الْقَلِيلَ الْمُتَمَوَّلَ بِمَا دُونَ نِصَابِ السَّرِقَةِ، وَالْأَصَحُّ لَا يَتَقَدَّرُ بَلْ هُوَ مَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ فَاقِدَهُ لَا يَكْثُرُ أَسَفُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَطُولُ لَهُ غَالِبًا.

. فَصْلٌ:

إذَا عَرَّفَ أَيْ الْمُلْتَقِطُ لِلتَّمَلُّكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ اللُّقَطَةَ. (سَنَةً) عَلَى مَا تَقَدَّمَ (لَمْ يَمْلِكْهَا حَتَّى يَخْتَارَهُ) أَيْ الْمِلْكَ. (بِلَفْظٍ كَتَمَلَّكْتُ) وَنَحْوِهِ (وَقِيلَ تَكْفِي النِّيَّةُ) أَيْ نِيَّةُ التَّمَلُّكِ لِفَقْدِ الْإِيجَابِ (وَقِيلَ يَمْلِكُ بِمُضِيِّ السَّنَةِ) اكْتِفَاءً بِقَصْدِهِ عِنْدَ الْأَخْذِ لِلتَّمَلُّكِ بَعْدَ التَّعْرِيفُ، فَمَنْ الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ دَائِمًا وَقُلْنَا بِوُجُوبِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ، وَعَرَّفَ سَنَةً فَبَدَا لَهُ التَّمَلُّكُ لَا يَأْتِي فِيهِ هَذَا الْوَجْهُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ وَإِنْ لَمْ نُوجِبْ التَّعْرِيفَ عَلَيْهِ، فَعَرَّفَ ثُمَّ بَدَا لَهُ قَصْدُ التَّمَلُّكِ لَا يُعْتَدُّ بِمَا عُرِفَ مِنْ قَبْلُ. (فَإِنْ تَمَلَّكَ) الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ (فَظَهَرَ الْمَالِكُ) وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا. (وَاتَّفَقَا عَلَى رَدِّ عَيْنِهَا فَذَاكَ) ظَاهِرٌ وَيُقَاسُ بِهِ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْعَدْلِ إلَى بَدَلِهَا. (وَإِنْ أَرَادَهَا الْمَالِكُ وَأَرَادَ الْمُلْتَقِطُ الْعُدُولَ إلَى بَدَلِهَا أُجِيبَ الْمَالِكُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي الْمُلْتَقِطُ وَاسْتَدَلَّ الْأَوَّلُ بِمَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا فَأَدَّاهَا إلَيْهِ وَقَصَرَهُ الثَّانِي عَلَى مَا قَبْلَ التَّمَلُّكِ وَلَوْ رَدَّهَا الْمُلْتَقِطُ لَزِمَ الْمَالِكَ الْقَبُولُ. (وَإِنْ تَلِفَتْ غَرِمَ مِثْلَهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً. (أَوْ قِيمَتَهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ مُتَقَوَّمَةً (يَوْمَ التَّمَلُّكِ) لِأَنَّهُ يَوْمَ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ. (وَإِنْ نَقَصَتْ بِعَيْبٍ) وَنَحْوِهِ (فَلَهُ أَخْذُهَا مَعَ الْأَرْشِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْكُلَّ مَضْمُونٌ فَكَذَا الْبَعْضُ وَالثَّانِي لَا أَرْشَ وَلَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الرُّجُوعُ إلَى بَدَلِهَا سَلِيمَةً بَدَلُهَا أَفْصَحَ بِهِ الْبَغَوِيُّ عَلَى الثَّانِي لِاقْتِصَارِهِ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ لَوْ أَرَادَهُ الْمُلْتَقِطُ وَأَرَادَ الْمَالِكُ الرُّجُوعَ إلَى الْبَدَلِ أُجِيبَ الْمُلْتَقِطُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ زَادَتْ أَخَذَهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ وَلَوْ ظَهَرَ الْمَالِكُ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَخَذَهَا بِزَوَائِدِهَا الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ.
(وَإِذَا ادَّعَاهَا رَجُلٌ) مَثَلًا (وَلَمْ يَصِفْهَا وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ بِهَا (لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ) إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُلْتَقِطَ أَنَّهَا لَهُ فَيَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ. (وَإِنْ وَصَفَهَا وَظَنَّ) الْمُلْتَقِطُ (صِدْقَهُ جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي يَجِبُ (فَإِنْ دَفَعَ) إلَيْهِ (فَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِهَا حُوِّلَتْ إلَيْهِ) عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ (فَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ فَلِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ وَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الثَّانِي فَيَرْجِعُ الْمُلْتَقِطُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَيْهِ، إنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ فَإِنْ أَقَرَّ لَمْ يَرْجِعْ مُؤَاخَذَةً لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ صِدْقَهُ لَمْ يَجُزْ الدَّفْعُ إلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَحَكَى الْإِمَامُ تَرَدُّدًا فِي جَوَازِهِ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ.
(لَا تَحِلُّ لُقَطَةُ الْحَرَمِ) أَيْ حَرَمِ مَكَّةَ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَحَرَمُهَا (لِلتَّمَلُّكِ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ وَتَحِلُّ لِلْحِفْظِ أَبَدًا جَزْمًا (وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا) أَيْ الَّتِي لِلْحِفْظِ (قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) اسْتَدَلَّ الْأَوَّلُ الْمُحَرِّمُ بِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حُرْمَةُ اللَّهِ لَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا»، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهُ إلَّا لِمُنْشِدٍ» أَيْ لِمُعَرِّفٍ، وَالْمَعْنَى عَلَى الدَّوَامِ وَإِلَّا فَسَائِرُ الْبِلَادِ كَذَلِكَ، فَلَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ، وَالثَّانِي الْمُحَلِّلُ قَالَ الْمُرَادُ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهَا سَنَةً، كَمَا فِي سَائِرِ الْبِلَادِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ تَعْرِيفَهَا فِي الْمَوْسِمِ كَافٍ لِكَثْرَةِ النَّاسِ وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ وَجْهَيْنِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ مُخَالِفٌ لِحِكَايَتِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ قَوْلَيْنِ وَقَوْلُهُ قَطْعًا زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ لِلْحَدِيثِ، وَقَالَ يَلْزَمُ الْمُلْتَقِطَ الْإِقَامَةُ، لِلتَّعْرِيفِ أَوْ دَفْعُهَا إلَى الْحَاكِمِ، وَسَكَتَ عَنْ لُقَطَةِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، فَلَا تُلْتَحَقُ بِمَكَّةَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الِانْتِصَارِ خِلَافُ ذَلِكَ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي حَدِيثِ الْمَدِينَةِ «وَلَا نَلْتَقِطُ لُقَطَتَهَا إلَّا لِمَنْ أَشَارَ بِهَا» أَيْ رَفَعَ صَوْتَهُ وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ.

. كتاب اللقيط:

بِمَعْنَى الْمَلْقُوطِ، وَهُوَ كُلُّ طِفْلٍ ضَائِعٍ لَا كَافِلَ لَهُ يُسَمَّى لَقِيطًا وَمَلْقُوطًا بِاعْتِبَارِ، أَنَّهُ يُلْقَطُ وَمَنْبُوذًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ نُبِذَ أَيْ أُلْقِيَ فِي الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ (الْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ) بِالْمُعْجَمَةِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) صِيَانَةً لِلنَّفْسِ الْمُحْتَرَمَةِ عَنْ الْهَلَاكِ. (وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْتِقَاطِهِ (فِي الْأَصَحِّ) خِيفَةً مِنْ اسْتِرْقَاقِ الْمُلْتَقِطِ لَهُ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ اعْتِمَادًا عَلَى الْأَمَانَةِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ، لَمْ يَجِبْ أَوْ مَسْتُورَهَا وَجَبَ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَرْجِيحُ الْقَطْعِ بِالْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ لَوْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ، قَالَ فِي الْوَسِيطِ لَا تَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ الْحَضَانَةِ، وَيَجُوزُ الِانْتِزَاعُ مِنْهُ، ثُمَّ الطِّفْلُ يَصْدُقُ بِالْمُمَيِّزِ وَفِي الْتِقَاطِهِ، تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ وَالْأَوْفَقُ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُلْتَقَطُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَلِي أَمْرَهُ الْحَاكِمُ وَمَنْ لَهُ كَافِلٌ كَأَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ قَاضٍ أَوْ مُلْتَقِطٍ يُرَدُّ إلَى كَافِلِهِ أَيْ يَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهِ. (وَإِنَّمَا تَثْبُتُ وِلَايَةُ الِالْتِقَاطِ لِمُكَلَّفٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ عَدْلٍ رَشِيدٍ) وَبَيْنَ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ الْتَقَطَ عَبْدٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ انْتَزَعَ) أَيْ اللَّقِيطَ (مِنْهُ) لِأَنَّ الْحَضَانَةَ تَبَرُّعٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ. (فَإِنْ عَلِمَهُ، فَأَقَرَّهُ عِنْدَهُ أَوْ الْتَقَطَ بِإِذْنِهِ فَالسَّيِّدُ الْمُلْتَقِطُ) وَالْعَبْدُ نَائِبُهُ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْبِيَةِ، وَلَوْ الْتَقَطَ الْمُكَاتَبُ اُنْتُزِعَ مِنْهُ، وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ لِأَنَّ حَقَّ الْحَضَانَةِ وِلَايَةٌ، وَلَيْسَ الْمُكَاتَبُ أَهْلًا لَهَا، فَإِنْ قَالَ لَهُ السَّيِّدُ الْتَقِطْ لِي فَالسَّيِّدُ هُوَ الْمُلْتَقِطُ، وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إذَا الْتَقَطَ فِي نَوْبَتِهِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْكَفَالَةَ وَجْهَانِ (وَلَوْ الْتَقَطَ صَبِيٌّ) أَوْ مَجْنُونٌ (أَوْ فَاسِقٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ) بِتَبْذِيرٍ (أَوْ كَافِرٌ مُسْلِمًا اُنْتُزِعَ) مِنْهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَلِأَنَّ الْفَاسِقَ وَالْمُبَذِّرَ غَيْرُ مُؤْتَمَنَيْنِ شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي عَدْلًا وَالْكَافِرُ لَا يَلِي الْمُسْلِمَ، وَلَهُ الْتِقَاطُ الْكَافِرِ، وَلِلْمُسْلِمِ الْتِقَاطُ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ، وَسَيَأْتِي وَمَنْ ظَهَرَ مِنْ حَالِهِ الْأَمَانَةُ، وَلَمْ يُخْتَبَرْ لَا يُنْتَزَعُ مِنْهُ لَكِنْ يُوَكِّلُ الْقَاضِي بِهِ، مَنْ يُرَاقِبُهُ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ لِئَلَّا يَتَأَذَّى، فَإِذَا وَثَّقَ بِهِ صَارَ كَمَعْلُومِ الْعَدَالَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَقِطِ الذُّكُورَةُ وَلَا الْغِنَى إذْ الْحَضَانَةُ بِالْإِنَاثِ أَلْيَقُ، وَالْفَقِيرُ لَا يَشْغَلُهُ عَنْهَا طَلَبُ الْقُوتِ.
(وَلَوْ ازْدَحَمَ اثْنَانِ عَلَى أَخْذِهِ) بِأَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا آخِذُهُ (جَعَلَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا) إذْ لَا حَقَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ أَخْذِهِ. (وَإِنْ سَبَقَ وَاحِدٌ فَالْتَقَطَهُ مُنِعَ الْآخَرُ مِنْ مُزَاحَمَتِهِ) لِسَبْقِهِ بِالِالْتِقَاطِ وَلَا يَثْبُتُ السَّبْقُ بِالْوُقُوفِ عَلَى رَأْسِهِ بِغَيْرِ أَخْذٍ فِي الْأَصَحِّ. (وَإِنْ الْتَقَطَاهُ مَعًا وَهُمَا أَهْلٌ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ غَنِيٌّ عَلَى فَقِيرٍ) لِأَنَّهُ قَدْ يُوَاسِيهِ بِمَالِهِ. (وَعَدْلٌ عَلَى مَسْتُورٍ) احْتِيَاطًا لِلَّقِيطِ، وَالثَّانِي يَسْتَوِيَانِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَهْلِيَّتِهِمَا وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ وَهُمَا أَهْلٌ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَهْلٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ قُبِلَ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْأَهْلِ فِيمَا قُبِلَ أَيْضًا. (فَإِنْ اسْتَوَيَا) فِي الصِّفَاتِ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا عِنْدَ تَشَاحِّهِمَا وَلَوْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ قَبْلَ الْقُرْعَةِ انْفَرَدَ بِهِ الْآخَرُ كَالشَّفِيعَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ تَرْكُ حَقِّهِ لِلْآخَرِ كَمَا لَيْسَ لِلْمُنْفَرِدِ نَقْلُ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ.
(وَإِذَا وَجَدَ بَلَدِيٌّ لَقِيطًا بِبَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إلَى بَادِيَةٍ) لِخُشُونَةِ عَيْشِهَا، وَفَوَاتِ الْعِلْمِ بِالدِّينِ وَالصَّنْعَةِ فِيهَا. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ نَقْلَهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَأَنَّ لِلْغَرِيبِ إذَا الْتَقَطَ بِبَلَدٍ أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى بَلَدِهِ) لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ فِي الْبَادِيَةِ وَالثَّانِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضٍ فِيهِ لِلضَّيَاعِ، فَإِنَّهُ يُطْلَبُ غَالِبًا حَيْثُ ضَاعَ (وَإِنْ وَجَدَهُ) أَيْ الْبَلَدِيُّ (بِبَادِيَةٍ فَلَهُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ) لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ. (وَإِنْ وَجَدَهُ بَدْوِيٌّ بِبَلَدٍ فَكَالْحَضَرِيِّ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إلَى بَادِيَةٍ، وَلَهُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فِي الْأَصَحِّ. (أَوْ) وَجَدَهُ أَيْ الْبَدْوِيُّ (بِبَادِيَةٍ أُقِرَّ بِيَدِهِ) وَإِنْ كَانَ أَهْلُ حِلَّتِهِ يَنْتَقِلُونَ. (وَقِيلَ إنْ كَانُوا يَنْتَقِلُونَ لِلنُّجْعَةِ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ الذَّهَابِ لِطَلَبِ الْمَرْعَى وَغَيْرِهِ (لَمْ يُقَرَّ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ نَسَبِهِ لِلضَّيَاعِ وَالْبَلَدِيُّ سَاكِنُ الْبَلَدِ، وَالْبَدْوِيُّ سَاكِنُ الْبَادِيَةِ، وَالْحَضَرِيُّ سَاكِنُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ خِلَافُ الْبَادِيَةِ كَالْبَلَدِ.
(وَنَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ الْعَامِّ كَوَقْفٍ عَلَى اللُّقَطَاءِ) أَوْ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ (أَوْ الْخَاصِّ وَهُوَ مَا اخْتَصَّ بِهِ كَثِيَابٍ مَلْفُوفَةٍ عَلَيْهِ) وَمَلْبُوسَةٍ لَهُ. (وَمَفْرُوشَةٍ تَحْتَهُ) وَمُغَطًّى بِهَا (وَمَا فِي جَيْبِهِ مِنْ دَرَاهِمَ وَغَيْرِهَا وَمَهْدُهُ) الَّذِي هُوَ فِيهِ (وَدَنَانِيرُ مَنْثُورَةٌ فَوْقَهُ وَتَحْتَهُ) لِأَنَّ لَهُ يَدًا وَاخْتِصَاصًا كَالْبَالِغِ وَالْأَصْلُ الْحُرِّيَّةُ مَا لَمْ يُعْرَفْ غَيْرُهَا. (وَإِنْ وُجِدَ فِي دَارٍ) لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ. (فَهِيَ لَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ. (وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ، وَكَذَا ثِيَابٌ وَأَمْتِعَةٌ مَوْضُوعَةٌ بِقُرْبِهِ) لَيْسَتْ لَهُ. (فِي الْأَصَحِّ) كَالْبَعِيدَةِ عَنْهُ، (فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ فَالْأَظْهَرُ، أَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، وَالثَّانِي يُقْتَرَضُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ. (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ فِيهِ مَالٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. (قَامَ الْمُسْلِمُونَ بِكِفَايَتِهِ قَرْضًا) بِالْقَافِ. (وَفِي قَوْلٍ نَفَقَةً) فَإِنْ قَامَ بِهَا بَعْضُهُمْ انْدَفَعَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ، وَالْمَعْنَى عَلَى جِهَةِ الْقَرْضِ أَوْ النَّفَقَةِ، فَالنَّصْبُ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ (وَلِلْمُلْتَقِطِ الِاسْتِقْلَالُ بِحِفْظِ مَالِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَحِفْظِهِ وَالثَّانِي يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي. (وَلَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي قَطْعًا) أَيْ عَلَى الْوَجْهَيْنِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، إذَا أَمْكَنَتْ مُرَاجَعَتُهُ فَإِنْ أَنْفَقَ بِلَا إذْنِهِ ضَمِنَ.

. فَصْلٌ:

إذَا وُجِدَ لَقِيطٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَفِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ أَوْ بِدَارٍ فَتَحُوهَا أَيْ الْمُسْلِمُونَ (وَأَقَرُّوهَا بِيَدِ كُفَّارٍ صُلْحًا) أَيْ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ (أَوْ) أَقَرُّوهَا بِيَدِهِمْ (بَعْدَ مِلْكِهَا بِجِزْيَةٍ وَفِيهَا مُسْلِمٌ) فِي الصُّورَتَيْنِ. (حُكِمَ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا فَتَحُوهَا مُسْلِمٌ فَاللَّقِيطُ كَافِرٌ. (وَإِنْ وُجِدَ بِدَارِ كُفَّارٍ فَكَافِرٌ إنْ لَمْ يَسْكُنْهَا مُسْلِمٌ) وَإِنْ سَكَنَهَا مُسْلِمٌ (كَأَسِيرٍ وَتَاجِرٍ وَإِلَّا فَمُسْلِمٌ فِي الْأَصَحِّ) تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ، وَالثَّانِي هُوَ كَافِرٌ تَغْلِيبًا لِلدَّارِ. (وَمَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِالدَّارِ فَأَقَامَ ذِمِّيٌّ بَيِّنَةً بِنَسَبِهِ لَحِقَهُ وَتَبِعَهُ فِي الْكُفْرِ) لِلْبَيِّنَةِ (وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الدَّعْوَى فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ) لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ فَلَا يُغَيَّرُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ كَالنَّسَبِ. (وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الصَّبِيِّ بِجِهَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ لَا تُفْرَضَانِ فِي لَقِيطٍ إحْدَاهُمَا الْوِلَادَةُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمًا وَقْتَ الْعُلُوقِ فَهُوَ مُسْلِمٌ) تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ (فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ كُفْرًا) أَيْ أَعْرَبَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ هُنَا وَبَعْدُ. (فَمُرْتَدٌّ وَلَوْ عَلِقَ بَيْنَ الْكَافِرَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ) تَبَعًا لَهُ. (فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ كُفْرًا فَمُرْتَدٌّ وَفِي قَوْلٍ) هُوَ (كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) لِأَنَّهُ كَانَ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ وَأُزِيلَ ذَلِكَ بِالْحُكْمِ بِالتَّبَعِيَّةِ، فَإِذَا اسْتَقَلَّ انْقَطَعَتْ فَيُعْتَبَرُ بِنَفْسِهِ، (الثَّانِيَةُ إذَا سَبَى مُسْلِمٌ طِفْلًا تَبِعَ السَّابِيَ فِي الْإِسْلَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ) لِأَنَّهُ صَارَ تَحْتَ وِلَايَتِهِ، فَإِذَا كَانَ مَعَهُ فِي السَّبْيِ أَحَدُهُمَا لَمْ يَتْبَعْ السَّابِيَ، لِأَنَّ تَبَعِيَّةَ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَقْوَى وَمَعْنَى كَوْنِ أَحَدِهِمَا مَعَهُ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَنْ يَكُونَا فِي جَيْشٍ وَاحِدٍ وَغَنِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا فِي مِلْكِ رَجُلٍ. (وَلَوْ سَبَاهُ ذِمِّيٌّ لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُحْكَمُ بِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ فَإِنَّ الذِّمِّيَّ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهَا لَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ فَكَيْفَ تُؤَثِّرُ فِي مُسَبَّبِهِ، ثُمَّ فِي الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلسَّابِي إذَا بَلَغَ وَأَعْرَبَ بِالْكُفْرِ الْقَوْلَانِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ فَعَلَى قَوْلٍ، إنَّهُمَا كَافِرَانِ أَصْلِيَّانِ نُلْحِقُهُمَا بِدَارِ الْحَرْبِ (وَلَا يَصِحُّ إسْلَامُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ اسْتِقْلَالًا عَلَى الصَّحِيحِ) الْمَنْصُوصِ وَالثَّانِي يَصِحُّ فَيَرِثُ مِنْ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَلَطَّفَ بِوَالِدِيهِ وَأَهْلِهِ الْكُفَّارِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ لِئَلَّا يَفْتِنُوهُ، فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ الْكُفْرَ هُدِّدَ وَطُولِبَ بِالْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَصَرَّ رُدَّ إلَيْهِمْ أَمَّا الصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ قَطْعًا.

. فَصْلٌ:

إذَا لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ بِرِقٍّ فَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّ غَالِبَ النَّاسِ أَحْرَارٌ. (إلَّا أَنْ يُقِيمَ آخِذٌ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ) فَيُعْمَلُ بِهَا بِشَرْطِهِ الْآتِي (وَإِنْ أَقَرَّ) وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ (بِهِ) أَيْ بِالرِّقِّ (لِشَخْصٍ فَصَدَّقَهُ قُبِلَ إنْ لَمْ يَسْبِقْ إقْرَارُهُ بِحُرِّيَّةٍ) فَإِنْ سَبَقَ إقْرَارُهُ بِهَا لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِهِ أَيْضًا، (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) فِي قَبُولِ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ. (أَنْ لَا يَسْبِقَ) مِنْهُ (تَصَرُّفٌ يَقْتَضِي نُفُوذَهُ) بِالْمُعْجَمَةِ (حُرِّيَّةً كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ بَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ) بَعْدَ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ (فِي أَصْلِ الرِّقِّ وَأَحْكَامِهِ الْمُسْتَقْبَلَةِ) وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ فَيَبْقَى عَلَى أَحْكَامِ الْحُرِّيَّةِ (لَا) الْأَحْكَامِ (الْمَاضِيَةِ الْمُضِرَّةِ بِغَيْرِهِ) أَيْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا. (فِي الْأَظْهَرِ فَلَوْ لَزِمَهُ دَيْنٌ فَأَقَرَّ بِرِقٍّ وَفِي يَدِهِ مَالٌ قُضِيَ مِنْهُ) عَلَى هَذَا وَعَلَى مُقَابِلِهِ لَا يُقْضَى مِنْهُ، وَالْمَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَبْقَى الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْمُقِرِّ، أَمَّا الْأَحْكَامُ الْمَاضِيَةُ الْمُضِرَّةُ بِهِ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا قَطْعًا.
(وَلَوْ ادَّعَى رِقَّهُ مَنْ لَيْسَ فِي يَدِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يُقْبَلْ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرِّيَّةُ (وَكَذَا إنْ ادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ) أَيْ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يُقْبَلْ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِالرِّقِّ، كَمَا فِي يَدِ غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ، وَسَيَأْتِي وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ ظَاهِرًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (وَلَوْ رَأَيْنَا صَغِيرًا مُمَيِّزًا، أَوْ غَيْرَهُ فِي يَدِ مَنْ يَسْتَرِقُّهُ وَلَمْ نَعْرِفْ اسْتِنَادَهَا إلَى الْتِقَاطٍ حُكِمَ لَهُ بِالرِّقِّ) بِدَعْوَاهُ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ وَلَا أَثَرَ لِإِنْكَارِ الصَّغِيرِ ذَلِكَ. (فَإِنْ بَلَغَ وَقَالَ أَنَا حُرٌّ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِرِقِّهِ فَلَا يُرْفَعُ ذَلِكَ الْحُكْمُ إلَّا بِحُجَّةٍ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِرِقِّهِ. (وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ عُمِلَ بِهَا وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَتَعَرَّضَ الْبَيِّنَةُ لِسَبَبِ الْمِلْكِ) لَهُ مِنْ إرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لِئَلَّا تُعْتَمَدُ ظَاهِرُ يَدٍ الِالْتِقَاطِ. (وَفِي قَوْلٍ يَكْفِي مُطْلَقُ الْمِلْكِ) كَمَا فِي الدَّارِ وَالثَّوْبِ وَغَيْرِهِمَا وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ أَمْرَ الرِّقِّ خَطِيرٌ فَاحْتِيجَ فِيهِ.
(وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ) الْمُسْلِمَ (حُرٌّ مُسْلِمٌ لَحِقَهُ) بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ فِي الْإِقْرَارِ سَوَاءٌ الْمُلْتَقِطُ وَغَيْرُهُ. (وَصَارَ أَوْلَى بِتَرْبِيَتِهِ) مِنْ غَيْرِهِ أَيْ أَحَقَّ بِهِمَا بِمَعْنَى أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَهَا دُونَ غَيْرِهِ وَاسْتِلْحَاقُ الْكَافِرِ كَاسْتِلْحَاقِ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ. (وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ عَبْدٌ لَحِقَهُ) لِإِمْكَانِ حُصُولِهِ مِنْهُ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ. (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ) لِأَنَّ اللُّحُوقَ يَمْنَعُهُ الْإِرْثَ لَوْ أَعْتَقَهُ. (وَإِنْ اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ لَمْ يَلْحَقْهَا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَلْحَقُهَا كَالرَّجُلِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِإِمْكَانِ إقَامَتِهَا الْبَيِّنَةَ عَلَى وِلَادَتِهَا بِالْمُشَاهَدَةِ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالثَّالِثُ يَلْحَقُ الْخَلِيَّةَ دُونَ الْمُزَوِّجَةِ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَلْحَقُ زَوْجَهَا وَقِيلَ يَلْحَقُهُ وَاسْتِلْحَاقُ الْأَمَةِ كَالْحُرَّةِ، وَإِنْ جَوَّزْنَا اسْتِلْحَاقَ الْعَبْدِ فَإِنْ أَثْبَتْنَاهُ لَمْ يُحْكَمْ بِرِقِّ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا، وَقِيلَ يُحْكَمُ بِهِ. (أَوْ) اسْتَلْحَقَهُ (اثْنَانِ لَمْ يُقَدَّمْ مُسْلِمٌ وَحُرٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ وَعَبْدٍ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِ الْعَبْدِ، بَلْ يَسْتَوِي الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ أَهْلٌ لَوْ انْفَرَدَ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَجِّحٍ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ (عُرِضَ) اللَّقِيطُ (عَلَى الْقَائِفِ فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْقَائِفِ فِي فَصْلٍ آخَرَ كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ) وُجِدَ لَكِنْ (تَحَيَّرَ أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أُمِرَ) اللَّقِيطُ (بِالِانْتِسَابِ بَعْدَ بُلُوغِهِ) وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا تُرِكَ حَتَّى يَبْلُغَ فَإِذَا بَلَغَ أُمِرَ بِالِانْتِسَابِ. (إلَى مَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ مِنْهُمَا) بِحُكْمِ الْجِبِلَّةِ لَا بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي، وَعَلَيْهِمَا النَّفَقَةُ مُدَّةُ الِانْتِظَارِ، فَإِذَا انْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا، رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ أَيْ لِلُحُوقِهِ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَنْتَسِبْ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِفَقْدِ الْمَيْلِ بَقِيَ الْأَمْرُ مَوْقُوفًا وَلَوْ انْتَسَبَ إلَى غَيْرِهِمَا وَادَّعَاهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، (وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِنَسَبِهِ (مُتَعَارِضَتَيْنِ سَقَطَتَا فِي الْأَظْهَرِ) وَيُرْجَعُ إلَى قَوْلِ الْقَائِفِ، وَالثَّانِي لَا يَسْقُطَانِ وَتُرَجَّحُ إحْدَاهُمَا الْمُوَافِقُ لَهَا قَوْلُ الْقَائِفِ بِقَوْلِهِ فَمَآلُ الِاثْنَيْنِ لِوَاحِدٍ، وَهُمَا وَجْهَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى قَوْلِ التَّسَاقُطِ فِي التَّعَارُضِ فِي الْأَمْوَالِ، وَلَا يَأْتِي هُنَا مَا فُرِّعَ عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ أَقْوَالِ الْوَقْفِ وَالْقِسْمَةِ وَالْقُرْعَةِ، وَقِيلَ تَأْتِي الْقُرْعَةُ هُنَا وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ تَسَاقَطَتَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَظْهَرِ وَهِيَ أَقْرَبُ.

. كتاب الجعالة:

بِكَسْرِ الْجِيمِ (هِيَ كَقَوْلِهِ مَنْ رَدَّ آبِقِي فَلَهُ كَذَا) أَوْ رُدَّ دَابَّتِي الضَّالَّةَ وَلَك كَذَا وَسَيَأْتِي مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ فَلَهُ كَذَا، وَيُلْحَقُ بِهِ رُدَّ عَبْدَ زَيْدٍ وَلَك كَذَا، وَشَرْطُ الْجَاعِلِ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ. (وَيُشْتَرَطُ) فِيهَا لِتَتَحَقَّقَ (صِيغَةٌ) مِنْ الْجَاعِلِ. (تَدُلُّ عَلَى الْعَمَلِ) بِشَرْطٍ أَوْ طَلَبٍ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْعَمَلِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (بِعِوَضٍ مُلْتَزَمٍ) كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الصِّيَغِ وَنَحْوِهَا (فَلَوْ عَمِلَ) الْعَامِلُ (بِلَا إذْنٍ أَوْ أَذِنَ لِشَخْصٍ فَعَمِلَ غَيْرُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ) نَعَمْ لَوْ كَانَ الْغَيْرُ عَبْدَ الْمَأْذُونِ لَهُ اسْتَحَقَّ، الْمَأْذُونُ لَهُ الْجُعْلَ لِأَنَّ يَدَ عَبْدِهِ يَدُهُ، وَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ آبِقِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ نِدَاؤُهُ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَلَوْ قَالَ إنْ رَدَّهُ زَيْدٌ فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ زَيْدٌ غَيْرَ عَالِمٍ بِإِذْنِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَلَوْ أَذِنَ فِي الرَّدِّ لَمْ يَشْرُطْ عِوَضًا فَلَا شَيْءَ لِلرَّادِّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ عَلِمَ بِإِذْنِ عِلْمِهِ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ الْمُلْتَزَمَ.
(وَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ فَلَهُ كَذَا اسْتَحَقَّهُ الرَّادُّ) الْعَالِمُ بِذَلِكَ (عَلَى الْأَجْنَبِيِّ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ (وَإِنْ قَالَ قَالَ زَيْدٌ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا وَكَانَ كَاذِبًا لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى زَيْدٍ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمَا، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا اسْتَحَقَّ عَلَى زَيْدٍ قَالَهُ الْبَغَوِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ خَبَرُهُ، (وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْعَامِلِ وَإِنْ عَيَّنَهُ) الْجَاعِلُ بَلْ يَكْفِي الْإِتْيَانُ بِالْعَمَلِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ مُعَيَّنًا فَلَا يُتَصَوَّرُ قَبُولُ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُهُ، وَفِيهِمَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ التَّعْيِينِ أَهْلِيَّةُ الْعَمَلِ فِي الْعَامِلِ.
(وَتَصِحُّ) الْجِعَالَةُ (عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ) كَرَدِّ الْآبِقِ (وَكَذَا مَعْلُومٌ) كَخِيَاطَةٍ وَبِنَاءٍ مَوْصُوفَيْنِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ اسْتِغْنَاءً بِالْإِجَارَةِ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْجُعْلِ مَعْلُومًا) إذْ لَا حَاجَةَ إلَى جَهَالَتِهِ بِخِلَافِ الْعَمَلِ. (فَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّهُ) أَيْ آبِقِي (فَلَهُ ثَوْبٌ أَوْ أَرْضِيَّةٌ فَسَدَ الْعَقْدُ وَلِلرَّادِّ أُجْرَةُ مِثْلِهِ) كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ (وَلَوْ قَالَ) مَنْ رَدَّهُ (مِنْ بَلَدِ كَذَا) فَلَهُ كَذَا بِنَاءً عَلَى الصِّحَّةِ فِي الْمَعْلُومِ. (فَرَدَّهُ مِنْ أَقْرَبَ مِنْهُ فَلَهُ قِسْطُهُ مِنْ الْجُعْلِ) وَلَوْ رَدَّهُ مِنْ أَبْعَدَ مِنْهُ، فَلَا زِيَادَةَ لَهُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهَا، (وَلَوْ اُشْتُرِطَ اثْنَانِ فِي رَدِّهِ اشْتَرَكَا فِي الْجُعْلِ) بِالسَّوِيَّةِ. (وَلَوْ الْتَزَمَ جُعْلًا لِمُعَيَّنٍ) كَقَوْلِهِ إنْ رَدَدْته فَلَك دِينَارٌ (فَشَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْعَمَلِ إنْ قَصَدَ إعَانَتَهُ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُعَيَّنِ (كُلُّ الْجُعْلِ وَإِنْ قَصَدَ الْعَمَلَ لِلْمَالِكِ فَلِلْأَوَّلِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ (قِسْطُهُ) أَيْ النِّصْفُ (وَلَا شَيْءَ لِلْمُشَارِكِ بِحَالٍ) أَيْ فِي حَالٍ مِمَّا قَصَدَهُ لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ لَهُ (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْجَاعِلِ وَالْعَامِلِ (الْفَسْخُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الشُّرُوعِ) فِيهِ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ الْقَابِلِ. (أَوْ فَسَخَ الْعَامِلُ بَعْدَ الشُّرُوعِ) فِيهِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ فِي الْأُولَى وَلَمْ يَحْصُلْ غَرَضُ الْمَالِكِ فِي الثَّانِيَةِ. (وَإِنْ فَسَخَ الْمَالِكُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِمَا عُمِلَ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا كَمَا لَوْ فَسَخَ الْعَامِلُ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ (وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَزِيدَ وَيَنْقُصَ فِي الْجُعْلِ قَبْلَ الْفَرَاغِ) مِنْ الْعَمَلِ (وَفَائِدَتُهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ) فِيهِ (وُجُوبُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ) لَهُ لِأَنَّ التَّغْيِيرَ بِمَا ذُكِرَ فَسْخٌ لِلْأَوَّلِ. (وَلَوْ مَاتَ الْآبِقُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ أَوْ هَرَبَ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ (وَإِذَا رَدَّهُ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِقَبْضِ الْجُعْلِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِالتَّسْلِيمِ. (وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ إذَا أَنْكَرَ شَرْطَ الْجُعْلِ أَوْ سَعْيَهُ) أَيْ الطَّالِبِ لَهُ (فِي رَدِّهِ) أَيْ الْآبِقِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا (فَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْجَاعِلُ وَالْعَامِلُ (فِي قَدْرِ الْجُعْلِ تَحَالَفَا) وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

. كتاب الفرائض:

أَيْ مَسَائِلُ قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ جَمْعُ فَرِيضَةٍ بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ، أَيْ مُقَدَّرَةٍ لَمَّا فِيهَا مِنْ السِّهَامِ الْمُقَدَّرَةِ. فَغُلِّبَتْ عَلَى غَيْرِهَا، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهُ، فَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ» أَيْ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْتِ الْمُقَابِلِ لِلْحَيَاةِ. (يَبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ) وُجُوبًا (بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ) بِالْمَعْرُوفِ (ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ ثُمَّ) تَنْفُذُ (وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (فَإِنْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ كَالزَّكَاةِ) أَيْ كَالْمَالِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ لِأَنَّهُ كَالْمَرْهُونِ بِهَا. (وَالْجَانَّيْ) لَتَعَلَّقَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ (وَالْمَرْهُونُ) لِتَعَلُّقِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ بِهِ (وَالْمَبِيعُ إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا) لِتَعَلُّقِ حَقِّ فَسْخِ الْبَائِعِ بِهِ (قُدِّمَ) ذَلِكَ الْحَقُّ (عَلَى مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا يُبَاعُ وَاحِدٌ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ الَّذِي هُوَ عَيْنُ التَّرِكَةِ فِي مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ، كَمَا ذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا فِي فَصْلِ الْكَفَنِ.
(وَأَسْبَابُ الْإِرْثِ أَرْبَعَةٌ قَرَابَةٌ) فَيَرِثُ بَعْضُ الْأَقَارِبِ مِنْ بَعْضٍ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي. (وَنِكَاحٌ) فَيَرِثُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ. (وَوَلَاءٌ فَيَرِثُ الْمُعْتِقُ الْعَتِيقَ وَلَا عَكْسَ) أَيْ لَا يَرِثُ الْعَتِيقُ الْمُعْتِقَ (وَالرَّابِعُ الْإِسْلَامُ) أَيْ جِهَتُهُ (فَتُصْرَفُ التَّرِكَةُ لِبَيْتِ الْمَالِ إرْثًا إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ بِالْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ يَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ بِالْعُصُوبَةِ.
(وَالْمُجْمَعُ عَلَى إرْثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ عَشَرَةٌ) وَبِالْبَسْطِ خَمْسَةَ عَشَرَ. (الِابْنُ وَابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَبُ وَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا وَالْأَخُ) لِأَبَوَيْنِ وَلِأَبٍ وَلِأُمٍّ (وَابْنُهُ) أَيْ ابْنُ الْأَخِ (إلَّا مِنْ الْأُمِّ) أَيْ ابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ وَابْنُ الْأَخِ لِأَبٍ (وَالْعَمُّ إلَّا لِلْأُمِّ) أَيْ لِأَبَوَيْنِ وَلِأَبٍ (وَكَذَا ابْنُهُ) أَيْ ابْنُ الْعَمِّ لِأَبَوَيْنِ وَلِأَبٍ (وَالزَّوْجُ وَالْمُعْتِقُ وَمِنْ النِّسَاءِ سَبْعٌ)، وَبِالْبَسْطِ عَشْرٌ (الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ) أَيْ الِابْنُ (وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ). أُمُّ الْأَبِ، وَأَمُّ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَتَا. (وَالْأُخْتُ) مِنْ جِهَاتِهَا الثَّلَاثِ (وَالزَّوْجَةُ وَالْمُعْتِقَةُ) وَيَدْخُلُ فِي الْعَمِّ عَمُّ الْأَبِ وَعَمُّ الْجَدِّ، وَالْمُرَادُ بِالْمُعْتِقِ وَالْمُعْتِقَةِ مَنْ أَعْتَقَ، أَوْ عَصَبَةٌ أَدْلَى بِمُعْتِقٍ. (فَلَوْ اجْتَمَعَ كُلُّ الرِّجَالِ وَرِثَ الْأَبُ وَالِابْنُ وَالزَّوْجُ فَقَطْ) لِأَنَّ غَيْرَهُمْ مَحْجُوبٌ بِغَيْرِ الزَّوْجِ (أَوْ) اجْتَمَعَ (كُلُّ النِّسَاءِ فَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُمُّ وَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةُ) وَسَقَطَتْ الْجَدَّةُ بِالْأُمِّ وَالْمُعْتِقَةُ بِالْأُخْتِ الْمَذْكُورَةِ، كَمَا سَقَطَتْ بِهَا الْأُخْتُ لِلْأَبِ وَبِالْبِنْتِ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ. (أَوْ الَّذِينَ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمْ مِنْ الصِّنْفَيْنِ فَالْأَبَوَانِ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ الذَّكَرُ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً وَالْأُنْثَى إنْ كَانَ رَجُلًا.
(وَلَوْ فُقِدُوا كُلُّهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْمَذْكُورِينَ (فَأَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُوَرَّثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمْ (وَ) أَصْلُ الْمَذْهَبِ فِيمَا لَا تَسْتَغْرِقُ الْوَرَثَةُ الْمَالَ أَنَّهُ. (لَا يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ) أَيْ التَّقْدِيرُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ بَعْدَ الْمَفْرُوضِ. (بَلْ الْمَالُ) كُلُّهُ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ الْمَفْرُوضِ. (لِبَيْتِ الْمَالِ) إرْثًا وَقَالَ الْمُزَنِيُّ وَابْنُ سُرَيْجٍ بِتَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ فِي الْأُولَى، وَبِالرَّدِّ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ وَلَمْ يَقُولَا إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ. (وَأَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ) مِنْ الْأَصْحَابِ (إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ) لِكَوْنِ الْإِمَامِ غَيْرَ عَادِلٍ (بِالرَّدِّ) أَيْ بِأَنْ يَرُدَّ (عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ مَا فَضَلَ عَنْ فُرُوضِهِمْ) أَيْ مُقَدَّرَاتِهِمْ بِالزَّوْجَيْنِ (بِالنِّسْبَةِ) أَيْ نِسْبَةِ سِهَامِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ فَفِي بِنْتٍ وَأُمٍّ وَزَوْجٍ يَبْقَى بَعْدَ إخْرَاجِ فُرُوضِهِمْ سَهْمٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِلْبِنْتِ وَرُبُعُهُ لِلْأُمِّ، لِأَنَّ سِهَامَهُمَا ثَمَانِيَةٌ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِلْبِنْتِ وَرُبُعُهَا لِلْأُمِّ، فَتُصْبِحُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى سِتَّةَ عَشَرَ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْبِنْتِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَفِي بِنْتٍ وَأُمٍّ وَزَوْجَةٍ يَبْقَى بَعْدَ إخْرَاجِ فُرُوضِهِنَّ خَمْسَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَعِشْرِينَ لِلْأُمِّ رُبُعُهَا سَهْمٌ وَرُبُعٌ فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَتِسْعِينَ وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ لِلزَّوْجَةِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْبِنْتِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْأُمِّ سَبْعَةٌ، وَفِي بِنْتٍ وَأُمٍّ يَبْقَى بَعْدَ إخْرَاجِ فَرْضِهِمَا سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ رُبُعُهَا نِصْفُ سَهْمٍ، فَتُصْبِحُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى أَرْبَعَةٍ لِلْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ، وَيُقَالُ عَلَى وَفْقِ الِاخْتِصَارِ ابْتِدَاءً فِي هَذِهِ تُجْعَلُ سِهَامُهُمَا مِنْ السِّتَّةِ الْمَسْأَلَةُ وَفِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا الْبَاقِي مِنْ مَخْرَجَيْ الرُّبُعِ وَالثُّمُنُ لِلزَّوْجَيْنِ بَعْدَ نَصِيبِهِمَا لَا يَنْقَسِمُ عَلَى أَرْبَعَةٍ سِهَامُ الْبِنْتِ وَالْأُمِّ مِنْ مَسْأَلَتَيْهِمَا فَتُضْرَبُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَخْرَجَيْنِ، وَلَوْ كَانَ ذُو الْفَرْضِ وَاحِدًا كَبِنْتٍ رُدَّ إلَيْهَا الْبَاقِي أَوْ اثْنَيْنِ كَبِنْتَيْنِ فَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَقَوْلُهُ غَيْرَ الزَّوْجَيْنِ بِالنَّصْبِ اسْتِثْنَاءً مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ مُوَجَّهٌ فِي الشَّرْحِ بِأَنَّهُ لَا رَحِمَ لَهُمَا، كَانَ الْمُورَثُ بِالرَّدِّ هُوَ الْمُورَثُ بِالرَّحِمِ، وَقَدَّمَ أَهْلَ الْفَرْضِ بِالرَّدِّ لِقُوَّتِهِمْ (فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا) أَيْ أَهْلُ الْفَرْضِ أَيْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ (صُرِفَ) الْمَالُ (إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ) أَيْ إرْثًا (وَهُمْ مَنْ سِوَى الْمَذْكُورِينَ) بِالْإِرْثِ (مِنْ الْأَقَارِبِ) هُوَ بَيَانٌ لِمَنْ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا هُمْ كُلُّ قَرِيبٍ لَيْسَ بِذِي فَرْضٍ وَلَا عَصَبَةٍ. (وَهُمْ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ أَبُو الْأُمِّ وَكُلُّ جَدٍّ وَجَدَّةٍ سَاقِطَيْنِ) مِنْهُ أَبُو أَبِي الْأُمِّ وَأُمُّ أَبِي الْأُمِّ وَهَؤُلَاءِ صِنْفٌ، (وَأَوْلَادُ الْبَنَاتِ) لِلصُّلْبِ أَوْ لِلِابْنِ مِنْ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ (وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ (وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ. (وَبَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَالْعَمِّ لِلْأُمِّ) أَيْ أَخُو الْأَبِ لِأُمِّهِ (وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، وَيُضَمُّ إلَيْهِنَّ بَنُو الْأَعْمَامِ لِلْأُمِّ (وَالْعَمَّاتُ) بِالرَّفْعِ (وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ) كُلٌّ مِنْهُمْ مِنْ جِهَاتِهِ الثَّلَاثِ، (وَالْمُدْلُونَ بِهِمْ) أَيْ بِالْعَشَرَةِ وَهُوَ مَزِيدٌ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا وَمَنْ انْفَرَدَ مِنْهُمْ، حَازَ جَمِيعُ الْمَالِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَا يُسَمَّى عَصَبَةً وَفِي الْمُجْتَمِعِ مِنْهُمْ كَلَامٌ طَوِيلٌ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا يُرَاجَعُ. تَتِمَّةٌ: لَوْ وُجِدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَرَفَ الْبَاقِيَ بَعْدَ فَرْضِهِ لِذَوِي الْأَرْحَامِ فَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ وَلَد الْخُؤُولَةُ أَوْ الْعُمُومَةُ، وَحْدَهُ حَازَ الْبَاقِي بِالرَّحِمِ.

. فَصْلُ:

الْفُرُوضِ جَمْعُ فَرْضٍ بِمَعْنَى نَصِيبٍ أَيْ الْأَنْصِبَاءُ. (الْمُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى) لِلْوَرَثَةِ (سِتَّةٌ النِّصْفُ) الَّذِي هُوَ أَحَدُهَا (فَرْضُ خَمْسَةٍ زَوْجٌ لَمْ تُخَلِّفْ زَوْجَتُهُ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ) قَالَ تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ فِي ذَلِكَ إجْمَاعًا (وَبِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ أَوْ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مُنْفَرِدَاتٍ) قَالَ تَعَالَى فِي الْبِنْتِ: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ بِنْتُ الِابْنِ بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} الْمُرَادُ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ دُونَ الْأُخْتِ لِأُمٍّ لِأَنَّ لَهَا السُّدُسَ لِلْآيَةِ الْآتِيَةِ وَاحْتَرَزَ بِمُنْفَرِدَاتٍ عَمَّا إذَا اجْتَمَعْنَ مَعَ إخْوَتِهِنَّ أَوْ أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ اجْتَمَعَ بَعْضُهُنَّ مَعَ بَعْضٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
(وَالرُّبُعُ فَرْضُ زَوْجٍ لِزَوْجَتِهِ وَلَدٌ أَوْ وِلْدَانٌ) قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ} وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ فِي ذَلِكَ إجْمَاعًا (وَزَوْجَةٍ لَيْسَ لِزَوْجِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا) قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} وَمِثْلُ الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ وَلَدُ الِابْنِ إجْمَاعًا (وَالثُّمُنُ فَرْضُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْوَلَدِ، وَوَلَدِ الِابْنِ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ} وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ فِي ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ وَلِلزَّوْجَتَيْنِ، وَالثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ مَا ذُكِرَ لِلْوَاحِدَةِ مِنْ الرُّبُعِ أَوْ الثُّمُنِ بِالْإِجْمَاعِ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابَيْ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ يَتَوَارَثَانِ. (وَالثُّلُثَانِ فَرْضُ بِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا وَابْنَتَيْ ابْنٍ فَأَكْثَرَ وَأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ) يَعْنِي مُتَفَرِّعَاتٍ مِنْ إخْوَتِهِنَّ قَالَ تَعَالَى فِي الْبَنَاتِ {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} وَفِي الْأُخْتَيْنِ {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} نَزَلَتْ فِي جَابِرٍ مَاتَ عَنْ أَخَوَاتٍ فَدَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا الْأُخْتَانِ فَصَاعِدًا وَالْبِنْتَانِ وَمِثْلُهُمَا بِنْتَا الِابْنِ مَقِيسَتَانِ عَلَى الْأُخْتَيْنِ وَبَنَاتُ الِابْنِ مَقِيسَاتٌ عَلَى بَنَاتِ الصُّلْبِ. (وَالثُّلُثُ فَرْضُ أُمٍّ لَيْسَ لِمَيِّتِهَا وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ وَلَا اثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ) قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} وَوَلَدُ الِابْنِ مُلْحَقٌ بِالْوَلَدِ فِي ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالْإِخْوَةِ الِاثْنَانِ فَصَاعِدًا وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ، (وَفَرْضُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ) قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} الْمُرَادُ أَوْلَادُ الْأُمِّ قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ، وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ الْأُمِّ (وَقَدْ يُفْرَضُ) الثُّلُثُ (لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ) كَمَا سَيَأْتِي فِي فَصْلِهِ (وَالسُّدُسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ أَبٍ وَجَدٍّ لِمَيِّتِهَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ) قَالَ تَعَالَى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ} إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ وَأُلْحِقَ بِهِ وَلَدُ الِابْنِ وَقِيسَ الْجَدُّ عَلَى الْأَبِ. (وَأَمٍّ لِمَيِّتِهَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ أَوْ اثْنَانِ مِنْ إخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَتَيْنِ. (وَجَدَّةٍ) لِأُمٍّ وَلِأَبٍ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ الْمُغِيرَةِ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَعْطَى الْجَدَّةَ السُّدُسَ» وَسَيَأْتِي أَنَّ لِلْجَدَّاتِ السُّدُسَ (وَلِبِنْتِ ابْنٍ مَعَ بِنْتِ صُلْبٍ) لِقَضَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَيَأْتِي أَنَّ لِبَنَاتِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ السُّدُسَ (وَلِأُخْتٍ) لِأَبٍ (أَوْ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ مَعَ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ) كَمَا فِي بَنَاتِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ (وَلِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ) لِمَا تَقَدَّمَ.